مفطرات الصائم وأحكامها الشرعية

مفطرات الصائم: أحكامها وأدلتها الشرعية

يعد شهر رمضان من أعظم الشهور في الإسلام، وهو شهر الصيام الذي يعد ركنًا من أركان الإسلام الخمسة. وفي هذا الشهر المبارك، يلتزم المسلمون بالصيام من الفجر وحتى غروب الشمس، حيث يمتنعون عن تناول الطعام والشراب، وعن مجموعة من الأفعال الأخرى التي يمكن أن تفسد الصيام وتؤثر عليه. وفي هذا المقال، سيتم التعرف على المفطرات التي يجب على الصائم تجنبها أثناء صيامه، وذلك وفقًا لما ورد في الكتاب والسنة والإجماع.

1. الطعام والشراب

إن تناول الطعام والشراب من أبرز المفطرات التي تؤثر على صحة الصيام، وقد أجمع العلماء على أن من أكل أو شرب عمدًا في نهار رمضان، فقد أفطر وعليه القضاء والكفارة إذا تم ذلك في نهار الصيام. يُستثنى من ذلك ما يحدث من تناول الطعام أو الشراب عن غير عمد، مثل من ينسى أنه صائم فيأكل أو يشرب، فيجب عليه إتمام صيامه ولا قضاء عليه.

أ. الطعام

تناول الطعام في نهار رمضان من أكثر المفطرات شهرة. وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا أفطر أحدكم فليتم صومه” (رواه البخاري). ويشمل ذلك كافة أنواع الطعام سواء كان صلبًا أو سائلًا.

ب. الشراب

أي نوع من المشروبات، سواء كانت مياه، عصائر، أو مشروبات أخرى، يعد من المفطرات التي تفسد الصيام. وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “فإذا أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه” (رواه البخاري). لذلك، من تناول شيئًا من المشروبات في النهار عن عمد، فقد فسد صيامه وعليه القضاء.

2. الجماع

يعد الجماع أحد أعظم المفطرات، وقد ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَأَحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ…} [البقرة: 187]. ويفسد الجماع الصيام سواء كان في النهار أو في الليل إذا تم ذلك بعد أذان الفجر، ويجب على الشخص الذي يجامع زوجته في نهار رمضان أن يتوب ويقضي ذلك اليوم، إضافة إلى دفع كفارة. الكفارة تكون في حال الجماع المتعمد في نهار رمضان وهي صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا.

3. القيء العمد

من المفطرات التي يجب أن يتجنبها الصائم هو القيء المتعمد. فقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “من استقاء عمداً فليصم يوماً مكانه” (رواه أبو داود). فإذا تقيأ الشخص عمداً في نهار رمضان فإنه يفسد صيامه وعليه القضاء.

القيء غير العمد

أما إذا كان القيء غير متعمد، كأن يكون بسبب الدوخة أو بسبب مرض ما، فلا يفسد الصيام في هذه الحالة. في حال القيء غير العمد، لا يُطلب من الصائم قضاء اليوم.

4. الحيض والنفاس

يعد الحيض والنفاس من المفطرات التي تفسد صيام المرأة. فقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تصم؟” (رواه البخاري). وبالتالي، فإن المرأة التي يحدث لها الحيض أو النفاس في نهار رمضان يجب عليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها في وقت لاحق.

5. الحقن المغذية

الحقن التي تحتوي على مواد مغذية يمكن أن تفسد الصيام، مثل الحقن التي تحتوي على مغذيات أو سوائل تقوم بتغذية الجسم بنفس طريقة الطعام والشراب. وقد ورد في بعض الفتاوى أن الحقن التي لا تحتوي على مواد غذائية، مثل الحقن الطبية للأدوية أو التطعيمات، لا تفسد الصيام.

6. التدخين

التدخين يعد من المفطرات في نهار رمضان لأنه يسبب دخول المواد إلى الجسم عن طريق الفم أو الأنف. ورغم أن البعض قد يعتقد أن التدخين ليس مؤثرًا على الصيام كما لو كان الطعام أو الشراب، إلا أن جمهور العلماء يرون أنه مفطر، وذلك لأنه يُعتبر طعامًا أو شرابًا يدخل الجسم ويؤثر عليه.

7. الاستمناء

الاستمناء في نهار رمضان يعد من المفطرات المفسدة للصيام. وقد جاء في الحديث الشريف: “من أفطر في رمضان بغير ما أباح الله، فليس له إلا الصيام” (رواه الترمذي). لذلك، يجب على الصائم تجنب الاستمناء في نهار رمضان حفاظًا على صحة صيامه.

8. القيء المستمر بسبب مرض أو علاج

إذا أصيب الصائم بمرض يؤدي إلى القيء المستمر، كأن يعاني من تقيؤ متواصل بسبب المرض، فقد اختلف الفقهاء في هذا الأمر. ولكن في معظم الحالات، يجوز للصائم الإفطار بسبب هذا العارض في حال كان القيء يؤثر بشكل كبير على قدرة الصائم على إتمام صيامه، ويجب عليه قضاء الأيام التي أفطر فيها.

9. الحقن الشرجية

تعد الحقن الشرجية التي يتم استخدامها لعلاج الإمساك أو لتنظيف الأمعاء من المفطرات المفسدة للصيام إذا كانت تحتوي على مواد مغذية. أما الحقن التي لا تحتوي على مواد مغذية ولا تؤثر على الجسم بشكل مباشر، فقد اختلف العلماء في حكمها.

10. التبرع بالدم

من المفطرات التي اختلف العلماء في حكمها هو التبرع بالدم. وقد اعتبر البعض أن التبرع بالدم يعد مفطرًا لأنه يؤدي إلى إخراج مادة من الجسد تشبه الطعام والشراب. بينما يرى آخرون أن التبرع بالدم لا يُفسد الصيام إذا تم بطريقة لا تؤثر بشكل كبير على صحة الصائم.

11. المبالغة في الاستنشاق أو المضمضة

قد يُفسد الصيام إذا بالغ الشخص في الاستنشاق أو المضمضة أثناء الوضوء بشكل يؤدي إلى دخول الماء إلى جوفه. ورغم أن المبالغة في ذلك لا تُفسد الصيام إذا تم بعناية، يجب على الصائم أن يكون حذرًا خاصة في أيام الصيف الحارة التي قد تزيد من كمية السوائل التي يتم امتصاصها بشكل غير متعمد.

12. الأنابيب التنفسية

استخدام الأنابيب التنفسية مثل أجهزة التنفس الاصطناعي أو ما شابه ذلك يمكن أن يدخل المواد إلى الجسم بطريقة مشابهة للطعام أو الشراب، لذا فإن هذا النوع من العمليات قد يُعتبر من المفطرات.

الخاتمة

إن الصيام من أعظم العبادات التي فرضها الله تعالى على المسلمين، ويتطلب الالتزام بعدد من الشروط والأحكام. يجب على المسلم أن يكون واعيًا بالمفطرات التي تفسد صيامه ويتجنبها حرصًا على صحة صيامه وتمامه.